اللوحة الثانية: جداريات

السنة الثانية عشر ـ العدد140 ـ ( رمضان ـ شوال 1434  هـ ) آب ـ 2013 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

مرثية

على أيّ قلبٍ تميلُ؟!...‏ أمامكَ موتٌ‏ وخلفكَ نارٌ‏ وفي رئتيكَ،‏ تلاشى الصّهيلُ!...‏ وأيُّ المراثي‏ يليقُ بهذا الخرابِ العميمِ‏.. وأيُّ المراثي‏ يليقُ بترتيلِ أُغْنيةٍ‏ للعيونِ التي‏ ماتَ فيها الهديلُ؟!...‏ تُبعثركَ الرّيحُ‏ لا ملْجأٌ‏.. لا دروبٌ لتمضي عليها،‏ إلى قمرٍ‏ في البياضِ البعيدِ‏ ولا شجرٌ في الطريقِ‏ لتنْشرَ شمسُ الصباحِ‏ فساتينَها الليلكيَّةَ‏.. لا ضوءَ يَعْلو‏ وأنتَ تَعِدُّ على الرّيحِ‏ أزْهارَ مَنْ رحلوا‏ كالطّيورِ‏ وأَحْلامُهم غربةٌ‏ ورحيلُ!.

هذه النار

مَنْ فتّحَ في روحي‏ أزهارَ النّارْ؟...‏ ‏مَنْ فتَّحَ أزهارَ القمرِ الفضيِّ.. يُسرِّحُ أعْشابَ الضَّوءِ‏ ويوغلُ في القلبِ نهارْ؟!..‏ ‏ها أنتظرُ الماءَ الغافيْ‏.. لأُبادلهُ دمعي ودمي‏.. وأردَّ عن الجسدِ الولهانِ‏ نحيبَ الدارْ...‏ ‏أنا عشبٌ ينْبتُ في الوجدانِ‏.. ونخلٌ يتقصَّفُ في الرَّمْلِ‏ وقلبي رمَّانةُ ضوءٍ‏ لكنَّ الرؤيةَ والرؤيا‏ وجعٌ وحصارْ...‏ ‏أركضُ بين خيام الأهلِ‏.. دمي فيضٌ يجري‏ والأهلُ نيامٌ‏ ‏والأفقُ القادمُ رملٌ‏ وغبارْ...‏ ‏مَنْ طيَّرَ منْ روحي،‏ أسرابَ النورِ‏ وَمَنْ شرَّعَ بين القلبِ‏.. وبينَ القلبِ‏.. جدارْ؟!.

يا إلهي

أفهم أن تتوقف عيناي عن الرؤية.. ولساني عن الكلام.. وأذني عن السمع.. ولكن كيف يتوقفُ قلبي عن الحُلم؟.. كيف يتوقفُ قلبي عن خلق الحروف؟.. إذن، يا إلهي، كيف يسيرُ الدمُ في جسدي.. يا إلهي..؟

الشهيد

لا تُربَ لكَ الآنَ وأنتَ تَفْتحُ زماناً غريباً ككتابٍ منسي.. وتكتبُ فيه أسطر الخلودِ دمعاً وحباً وصلاةْ.. شهيداً حتماً ستمضي.. لكن.. ماذا عن المحبينْ؟؟.. عن رفاق الدربِ الأباةْ؟؟.. لو تندفعَ بنبضِ قلبكَ لا قلبِ العاشقين، هذي الملايين.. لو.. لو... لو تنزَعَ هذه الكآبة عن روحنا في زمنِ الصمتِ المَقيتْ.. أو تمضي إلى عشقك.. ليصرخَ ملاكُ الأنسِ شهيدُكم ما ماتْ.

مملكة الحروف

الحياة ُ مدّونة من حروف متناثرة يكرهُ بعضُها بعضاً.. ويحسدُ بعضُها بعضاً ويتآمرُ، في حقد أسودٍ، بعضُها على بعض.. يا لتعاستي.. كيف أحكم مملكة الحروف هذه؟.. أنا رجلُ المعنى والسلام.. رجلُ الطفولة والطير.. رجلُ الصلاةِ والصوم.. رجلُ الدعاء.

العازف

وسط غيمة صفراء وخضراء وبرتقالية أجلسُ وأنظرُ من زمن إلى زمن.. ومن عمر إلى آخر.. توقفت الغيمة.. كان هناك صوت ناي جميل.. صوت ناي عذب.. كنافورة  ماء وسط الصيف.. توقفت الغيمة.. فنظرت من علٍ كي أرى .. كنت أتصوّره أبي.. (لم يكن).. كنت أتصوّره ابني (لم يكن).. ربما أكون أنا.. (لم أكن).. لم يكن أحداً أبداً.. كان صوتاً جميلاً مذهلاً يملأ كل شيءٍ بهجةً وذهباً.

أَغمِضْ عينيك

أيها الشهيدُ الحيُّ.. وحينما تُغمضُ عينْيكَ أَتدري‏.. ما الذي يحدُثُ في المنامْ‏.. تُهرِّبُ السَّماءُ في سلالها النجومْ‏.. وتَنزِلُ الدَّقائقُ المعلَّقُهْ‏ عن سُلَّمِ الظَّلامْ‏.. تُحاولُ الأشياءُ أنْ تحتلَّ بعضها.. والليلُ أنْ يسرقَ ليلهُ‏.. وتبدأُ المآذنُ المزخرفةُ تُتقنُ الزَّخْرَفةْ.. ذاتَ مساءٍ أكْحلِ العينينِ أسمرْ‏.. رأيتُ عصفوراً حنى جناحَهُ‏ ومالَ نحوي دونَ أنْ يظهر‏ وقال لي:‏ أعرِفُ ناساً يُغمضونَ دائماً‏ عيونَهم ليبصروا أكثرْ‏.. صفِّقْ لهم.. فلنْ تكونَ مثلَهم‏ أَنْتَ الذي تُغمضُ كي تنامْ‏.. خُذْ كلَّ شيءٍ وارتحلْ صوب الذُّرا‏.. عينْيك لا تُغْمضْهِما لكي تنامْ‏.. أَغمِضْهُما.. أَغمضهما‏ لكي ترى‏..

أحابيل

الموت لا يحتاج إلى حيل.. هذا ما يفسر اتساع حدقات الموتى.. إنه من شدة رعبهم

من أحابيل الحياة.

 

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

إبراهيم بن العباس الصولي ـ فَرجٌ

ولربّ نازِلة يَضيق بِهـــــا الفَتى     ذَرعاً وَعند الله مِنهــــا مَخرَج

كَمَلَت فَلَمّـــا اِســتُكْمِلَتْ حَلَقاتُها      فُرِجَتْ وَكانَ يَظُنُّهـــا لا تُفرَج

إبن الحدَّاد الأندلسي ـ اشتياق

يا غائباً خَطَرَاتُ القَلْبِ مَحْـــضَرُهُ      الصَّبْرُ بَعْدَكَ شــيءٌ لَسْتُ أَقْدِرُهُ

تَرَكْتَ قلبِي وأشـــــواقِي تُفَطِّرُهُ      ودَمْعَ عَيْنِي وأحداقي تُحَـــدِّرُهُ

لـــو كُنْتَ تُبْصِرُ في (تُدْمِيْرَ) حالَتَنَا      إذنْ لأَشْــفَقْتَ ممّا كُنْتَ تُبْصِرُهُ

فالعَيْنُ دُوْنَكَ لا تَحْلَـى بِلَذَّتهـــــا     والدَّهْـــرُ بَعْدَكَ لا يَصْفُو تَكَدُّرُهُ

أُخْفِي اشـتياقي وما أَطْوِيهِ مِنْ أسـفٍ     على المريَّةِ والأنفاسُ تُظْهِـــرُهُ

إبنة عقيل بن أبي طالب ـ جزاءُ النصح

ماذا تَقولــــونَ إِن قال النبيّ لَكُمْ       ماذا فَعَلتم وَأنتُم آخــــرُ الأممِ

بِعِترتي وَبِأَهلي بعـــدَ مُفتقــدي       مِنهم أُسـارى وَقَتلى ضرّجوا بدمِ

ما كانَ هَــذا جَزائي إِذ نَصحتُ لَكمْ      أَن تَخلِفوني بِسوءٍ في ذوي رَحِمي

أبو الأسود الدؤلي ـ إنكار

رَماني جاريَ ظالِمــــاً لي بِرَميهِ       فَقُلتُ لَهُ مَهـــلاً فَأَنكَرَ ما أَتى

وَقالَ الَّذي يَرميكَ رَبُّكَ جــــازِياً       بِذَنبِكَ وَالإِذنابُ يُعقِبُ مــا تَرى

فَقُلتُ لَهُ لَــــــو أَنَّ رَبّي بِرَميَةٍ       رَماني لَمـا أَخطا إِلهيَ ما رَمى

جَزى اللهُ شَــرّاً كُلَّ مَن نالَ سَوءَةً       وَينَحَلُ مِنها الرَبَّ في عُذرِهِ الرِدا

أبو العتاهية ـ الطبيب المداوي

إِنَّ الطَـــبيبَ بِطِـــبِّهِ وَدَوائِهِ       لا يَســــتَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى

ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالــــداءِ الَّذي      قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَــهُ فيما مَضى

ذَهَبَ المُداوي وَالمُــداوى وَالَّذي       جَلَــبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى

أبو العلاء المعري ـ فعلُ الجميل

لا تَلبَسِ الدُنيا فَإِنَّ لِباسَـــــها        سَقَمٌ وَعَرِّ الجِســـمَ مِن أَثوابِها

أَنا خائِفٌ مِن شَــــرِّها مُتَوَقِّعٌ        إِكآبَها لا الشُـــربَ مِن أَكوابِها

فَلتَفعَـــلِ النَفسُ الجَــميلَ لِأَنَّهُ       خَيرٌ وَأَحسَـــنُ لا لأَجلِ ثَوابِها

في بَيتِهِ الحَكَمُ الَّذي هُــوَ صادِقٌ       فَأْتوا بُيوتَ القَـومِ مِن أَبوابِهــا

وَتَخالُفُ الرُؤَســاءِ يَشهَدُ مُقسِماً        إِنَّ المَعاشِــرَ ما اِهتَدَت لِصَوابِها

وَإِذا لُصوصُ الأَرضِ أَعيَت والِياً     أَلقى السُـــؤالَ بِها عَلى تُوّابِها

أحمد الكاشف ـ الدينار

يا صاحب الوجهين واللونين       يا شــــر الصحابْ

يا أيهــا الدينار قــــد                جشــمتني مرَّ العذابْ

كم لي تلوحُ فإن ســعيتُ         إليكَ واراكَ الحــجابْ

يحمــــرُّ وجهي تارةً              خَجَلاً ويصفرُّ اكتئابْ

ويزيدني جزعاً فــرارُكَ            بين أقـــوام غضابْ

فإذا مـــددتُ إليك كفِّي           ردهــــا ظفر ونابْ

لو يســمع الفولاذ شعري         حين أشــكوهمْ لذابْ

  

اعلى الصفحة