النانوتكنولوجي: من الذرات... تصنع كل شيء!

السنة الثانية عشر ـ العدد141 ـ (شوال ـ ذو القعدة 1434  هـ ) أيلول ـ 2013 م)

بقلم: جنان العلي

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

تكنولوجيا النانو، علم النانو، تقنية الصغائر، أو الرواصف، تسميات لثورة صناعية جديدة، وقد يكون من الأدق القول، هي امتداد لثورة صناعية بدأت منذ أجيال وتراكمت انجازاتها وخبراتها لتضعنا أمام فتح جديد، وأفق جديد مفتوح علمياً نحو المزيد من تطوير حياة الإنسان المعاصر والحياة العصرية.

هذه الثورة الصناعية تستقطب منذ زمن ليس ببعيد، الاهتمام الدولي، والتمويل والبحث والدراسة والتصنيع ومن المرتقب أن تشكل العالم المعاصر بصورة جديدة، مختلفة ونوعية تجعل ما عاشته وتعيشه المجتمعات المعاصرة من تكنولوجيا متطورة مجرد أشياء بدائية وربما مضحكة ! خصوصاً وأن ثمة انقلاباً في الشكل، والحجم والفاعلية والكلفة في كثير من طرق الحياة والعلاج والترفيه والتنقل والحرب والغذاء والتواصل والكثير الكثير من مجالات الحياة).

فما هي هذه التقنية؟ وكيف تعمل بصورة مبسطة للأذهان؟ ما هي تطبيقاتها في كل مجال من مجالات العيش المعاصر؟ وكيف تتفاعل الدول اليوم مع هذه التقنية؟ وهل من هواجس ومخاوف تطرح إزاء هذا الفتح العلمي الرائد؟.

تقنية جديدة بالكامل

قد يبدو بعيداً عن العقل والتصور الكلام عن إمكانية تغيير خواص أي مادة وتعظيم مسمياتها عن طريق إعادة ترتيب ذراتها بالشكل الذي يؤدي إلى الحصول على خواص متميزة أو مختلفة تماماً عن خواصها الأصلية، وذلك كله استناداً إلى أن هناك صلة مباشرة بين بنية المادة وخواصها وأماكن وجود ذراتها وعددها بشبكتها البلورية.

هذا الشرح والتوضيح هو لعالم الفيزياء الأمريكي ريتشارد فينمان عام 1959، وقد وصفه البعض آنذاك بأنه مجرد خيال علمي. وما ظهر بعد ذلك هو أن فينمان قد أطلق الشرارة الأولى لثورة القرن الحادي والعشرين.

ففي العام 1982 توصل العالمان هنريش روهر وجيبرد بينغ إلى اختراع نوع جديد من الميكروسكوبات المعتمدة على المسح البحثي لذرات المادة فتعاملا مع الذرات الأحادية للمواد وتحديد أبعادها الثلاثية عن طريق إبرة دقيقة تستطيع من خلال شحنات إلكترونية مراقبة الذرات على الأسطح الخارجية للعينة، والتأثير فيها وإزاحتها، وإعادة ترتيبها، وهو بالضبط ما كان ينقص فينمان لتحويل نظريته إلى حقيقة عملية.

وفي عام 1991 أكتشف الباحث الياباني سوميو ليجيما الأنابيب الثانوية المؤلفة فقط من شبكة الذرات الكربونية وبالقياس تم الحصول على مقاومة شدّ الفولاذ بعشر مرات وأكثر قساوة واستقراراً من الماس بمرتين على الأقل.

هذه هي تكنولوجيا النانو

بصياغة أخرى، إنها تكنولوجيا متناهية الصغر، تقوم على استخدام الجزئيات في صناعة كل شيء بمواصفات جديدة، فريدة ومتميزة. وبتكلفة تصل إلى عشر التكلفة الحالية. فما قبل تكنولوجيا النانو الصناعة هي غيرها مع تكنولوجيا النانو. ما قبلها كانت الصناعة تحول الأجزاء الكبيرة إلى أشياء أصغر، مثل تحويل شجرة إلى كراسي وطاولات، فتتناثر مخلفات (نشارة) وهو ما كان يعتبر تلويثاً للبيئة وخسارة لقسم قليل من الخشب، ولكن وفق تكنولوجيا النانو صار بالإمكان تركيب ذرة مع ذرة وجزيء مع جُزَيْء لصنع جهاز ما، فلا تضيع مواد، ولا تتلوث البيئة. قد يبدو صعباً تخيل ما هو النانو تكنولوجي، وقد يستعصي على الفهم أحياناً.

إنه جزء من المليار، النانومتر هو واحد على المليار من المتر، بمعنى أنه لو قسمنا المتر إلى ألف قسم لحصلنا على المليمترـ ولو قسمنا المليمتر إلى ألف قسم لحصلنا على الميكرومتر، ولو قسمنا الميكرومتر إلى ألف قسم فسوف نحصل على النانومتر، وهو بمثابة أن يأخذ إنسان شعرة من رأسه وبنظر إليها، ويتخيل أنه يستطيع أن يقلص قطرها ثمانين ألف متر، فهذا هو مقياس النانومتر ولعله من المفيد الإشارة إلى أن أصغر الأشياء التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة يبلغ عرضها حوالي 10.000 نانومتر، وعندما تصطف عشر ذرات من الهيدروجين فإن طولها يبلغ نانومتراً واحداً.

والمفتاح لفهم تكنولوجيا النانو، هو الأخذ بعين الاعتبار مقياس الحجم بالإضافة إلى المبادئ الأساسية للكيمياء والفيزياء والكهرباء وخصائص المواد والآلات كالتوصيلية الحرارية أو الكهربائية والصلابة ونقطة الانصهار، وبالتالي يمكن دمج هذه الخصائص للمواد ليمكن توظيفها في أي مجال في جسم الإنسان أو محرك الطائرة.

ومن الممكن توجيه وضع الذرات الداخلة في التفاعل بطريقة محددة، فتكون المواد المنتجة أكثر دقة وأكثر نقاوة وأقل استهلاكاً للطاقة.

إن تكنولوجيا النانو تقدم قدرة متطورة غير معهودة، على التعامل مع خواص جديدة ومختلفة للمواد وصناعة كل شيء، فبعضها تصبح أحسن توصيلاً للكهرباء أو الحرارة، وبعضها تصبح أقوى، وقد تمتلك خواص مغناطيسية.

وتعتمد تكنولوجيا النانو على مسألتين:

المسألة الأولى: بناء المواد بدقة من لبنات صغيرة والحرص على مرحلة الصغر، مما يؤدي إلى مستوى أعلى من الجودة والتشغيل في مادة خالية من الشوائب.

المسألة الثانية: إن خصائص المواد قد تتغير بصورة مدهشة عندما تتجزأ أصغر وأصغر خصوصاً عند الوصول إلى مقياس النانو أو أقل، عندها تظهر الحبيبات النانوية خصائص غير متوقعة لم تكن معروفة أو موجودة في خصائص المادة الأم، فمثلاً الذهب بالمقياس الكبير موصل ممتاز للحرارة والكهرباء ولكن ليس للضوء، لكن جسيمات الذهب النانوية المبنية بشكل مناسب (يقدرها العالم الباحث في تكنولوجيا النانو) تبدأ بامتصاص الضوء وبإمكانها تحويل ذلك الضوء إلى حرارة كافية يجعلها تعمل كمشرط حراري مصغر يمكن من خلاله قتل الخلايا غير المرغوبة في الجسم مثل الخلايا السرطانية.

تتيح تكنولوجيا النانو، استخدامها لزراعة أعضاء بديلة لأعضاء الإنسان المصابة أو التي تم استئصالها، كما يمكن بواسطة هذه التكنولوجيا المدهشة التحكم بالحمض النووي للإنسان لإنتاج بنكرياس جديد أو كلية جديدة وربما نمو ثدي جديد لدى المرأة. كما أنه من المرتقب إنتاج سلع سهلة الاستعمال والتنظيف وتدوم وقتاً أطول مثل الأحذية والحقائب والملابس.

كما تَعِد تكنولوجيا النانو بانجازات هائلة في مجالات العلوم والهندسة والطب والاقتصاد والعلاقات الدولة وصنع حواسيب خارقة الأداء يمكن وضعها على رؤوس الأقلام والدبابيس، وصنع روبوتات طبية يمكن حقنها في الدم أو ابتلاعها لعلاج الجلطات الدموية والأورام والأمراض المستعصية.

المثير للاهتمام خصوصاً للأجهزة الأمنية والمخابرات، هو أن تكنولوجيا النانو تتيح شرائح مجهرية تزرع مباشرة تحت الجلد مأخوذة من الشرائح اللامرئية يستحيل كشفها حتى بأدق أجهزة الأشعة البشرية ولا حتى بأشعة الرنين المغناطيسي بسبب صغرها، هذه الشرائح مزودة بمعلومات حساسة ومعطيات بيولوجية، تتيح مراقبة ومتابعة الأفراد والجماعات في كل مكان وزمان.

طبعاً زرعها تحت الجلد، يثير مخاوف جدية من أن تتفاعل وتتداخل الجزئيات المجهرية النانو تكنولوجية مع الخلايا البشرية ما قد ينتج عنه خلايا هجينة مطعمة من الاثنتين في عملية تهجينية معقدة بعد عملية اندماج وتفاعل جوهري مع الحمض النووي البشري وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إلحاق أذى كبير بالبشر.

ولا بد من الإشارة إلى أن تكنولوجيا النانو هي الجيل الخامس من أجيال الالكترونيات التي توالت منذ المصباح الالكتروني بما فيه التلفزيون، ثم اكتشاف الترانزستور، ثم استخدام الرادارات التكاملية في قطعة صغيرة جداً اختزلت العديد من الأجهزة ورفعت من كفاءتها ونوعت وظائفها، وصولاً إلى الجيل الرابع بإنتاج الحاسبات الشخصية والرقائق الكومبيتورية السيليكونية.

ومن الضروري القول إن الأجسام البشرية، وأجسام الحيوانات تستخدم مواد طبيعية ذات مقاس ثانوي مثل البروتينات والجزئيات الأخرى للحكم بالعديد من أنظمة وعمليات هذه الأجسام.  فمثلاً بروتين نموذجي مثل الهيموغلوبين الذي يحمل الأوكسجين خلال مجرى الدم يصل قطره إلى خمس نانومتر، أو خمس أجزاء من البليون من المتر.

التفاعل الدولي

كيف تتعامل دول العالم مع هذه التكنولوجيا الجديدة الواعدة؟ وماذا ترصد لها من إمكانات علمية ومالية؟..

تحظى تكنولوجيا النانو باهتمام بالغ على المستوى الدولي، حيث قامت 52 دولة خلال الفترة ما بين 2000 و2009 بتأسيس وحدات علمية ومعاهد بحثية وصل عددها إلى 24.468 وشاركت 156 دولة في نشر بحوث علمية وإصدار دوريات متخصصة وتنظيم مؤتمرات وندوات وورش عمل عن تكنولوجيا النانو.

وقد بلغ الإنفاق العالمي منذ العام 2000 إلى العام 2008 نحو 35 مليار دولار، وتقدر الأوساط العلمية في أوروبا سوق تكنولوجيا النانو بألف مليار دولار في مطلع العام 2015، وهناك كثير من الدول تهتم بهذا العلم الدقيق مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان والصين وكوريا الجنوبية وروسيا وكندا والهند. وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في طليعة الدول التي تبحث في تكنولوجيا النانو عن جواب لسؤال: كيف أكون أكثر قوة بعد عشرين عاماً؟. حيث تقوم ببحوث مكثفة في المجال العسكري بشكل خاص، لإنتاج " ملابس عاقلة" للجنود وفق تقنية النانو، وتقوم هذه الملابس عند إصابة الجندي بجروح بتحديد مكان الجرح، ومدى خطورته وإرسال رسالة إلى المركز مع المعلومات الضرورية مثل نبض الجندي ودرجة حرارة جسمه وقياس ضغطه، ثم تقوم هذه الملابس بإعطاء الدواء اللازم في جسم الجندي، وتقوم بتسليط ضغطٍ على مكان الجرح لوقف النزيف، وإذا توقف نبض القلب تقوم بتدليك منطقة القلب لإعادة النبض ومن الممكن أن تشكل هذه الملابس درعاً قوياً ضد الرصاص.

بدورها اليابان خصصت 500 مليون دولار لهذه البحوث وهي ميزانية تزداد من سنة إلى أخرى.

ويفسر السباق العالمي في مجال أبحاث الناتو، أن هذا العلم سيقدم ترتيباً جديداً للأمم في سلم التقدم لعقود زمنية قادمة وسوف يحدد أهم الفروق بين الدول المتقدمة والدول النامية كما أعلن الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية بيل كلنتون.

هذا في وقت تتدنى ما ترصده الدول العربية للإنتاج العلمي في علم النانو حيث بلغت مساهمتها 0،65% في الفترة الممتدة بين العام 2000 و2009 وهو أقل من ثلث الأوراق العلمية التي نشرتها إسرائيل خلال الفترة نفسها.

ويتوقع العلماء والباحثون حل كثير من المشكلات المعاصرة من خلال تكنولوجيا النانو مثل تحقيق الأمن الغذائي وحماية البيئة وتحلية مياه البحار والكشف عن الألغام والمتفجرات.

بدوره يعوّل البرنامج الإنمائي للألفية الثالثة التابع للأمم المتحدة على تكنولوجيا النانو لحل مشاكل عالمية باتت مستعصية مثل الفقر والمرض والجوع والبطالة.

مع كل انجاز علمي رائد، يتخوف الإنسان مما أنجز!

فمع حدوث الثورة الصناعية، واختراع الكمبيوتر، والهندسة الوراثية ظهرت انتقادات ومخاوف شتى مع هذه التطورات العلمية الهامة ومدى تأثيرها على حياة الإنسان وبقائه على الأرض.

وها هي تكنولوجيا النانو، تثير مخاوف شديدة خصوصاً وإن جزئيات صغيرة جداً وفق تكنولوجيا النانو، يمكن أن تتسلل وراء جهاز المناعة لدى الإنسان، أو من خلال غشاء خلايا الجلد والرئة أو تتخطى دم الدماغ، مع ما لذلك من تهديد حقيقي لسلامة الإنسان.

في كتاب صدر العام 1986 للعالم والمهندس الأمريكي إريك دريكسلر تحت عنوان "هندسة الخلق مجيء عهد النانو تكنولوجيا"، توقع فيه ظهور نوع جديد من المواد الشديدة المقاومة والأقوى من الحديد والفولاذ بكثير وإنها سوف تحدث تطورات هائلة في علم الخلايا، وتخوف من أن سوء استخدام هذه التكنولوجيا، قد يتسبب بنهاية العالم ووقوع كوارث يصعب التنبؤ بنتائجها التدميرية، فلو أفلتت السيطرة على ماكينات النانو، فإنها ستبتلع كل شيء في طريقها، لأنها ستكون قادرة على إعادة إنتاج نفسها إلى ما لا نهاية كما في الحياة الطبيعية... ويمكن أن تلتهم كل ما يعترضهم من نبات وحيوان.

قد يبدو هذا الكلام مشهداً من مشاهد فيلم الخيال العلمي "ماتريكس" لكن العلماء والباحثين يؤكدون أن هذه التقنية، في الوقت الذي تعد بالكثير، إلا أن الأمور مرهونة بالمراقبة المشددة واتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وهذا عالم في المعلوماتية هو "بيل جوي" في مقال له عام 1999 يطلق إنذاراً للبشرية من خلال الهندسة الوراثية وتكنولوجيا النانو، وكلتهما إذا ما خرجتا عن مجال سيطرة الإنسان، أو أُسيئ استعمالها فإنهما تهددان باستئصال الجنس البشري عن سطح الأرض.

تطرح تكنولوجيا النانو وبجدية كبيرة مسألة حاجة العلم كقوة تتطور باستمرار إلى قيم وأخلاق حتى لا تكون قوة عمياء. ونذكر في هذا السياق كلاماً للمهاتما غاندي:

يوجد سبعة أشياء تدمر الإنسان:

- السياسية بلا مبادئ

- المتعة بلا ضمير

- الثروة بلا عمل

- المعرفة بلا قيم

- التجارة بلا أخلاق

- العلم بلا إنسانية

- العبادة بلا تضحية.

وقد لفتت اليونسكو الانتباه إلى الأبعاد الأخلاقية للعلوم الحياتية، خصوصاً في علم الجينات، فتم تشكيل أول لجنة من الدول الأعضاء في المنظمة، وهي اللجنة الدولية لأخلاقيات العلوم البيولوجية وذلك عام 1993 وتضم 36 من الخبراء في العالم. وفي العام 2005 اعتمدت الدول الأعضاء في اليونسكو الإعلان العالمي لأخلاقيات العلوم البيولوجية وحقوق الإنسان.

وقد سعى باحثون من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) إلى دراسة العلاقة الوثيقة بين التكنولوجيا الدقيقة في الحياة اليومية للإنسان المعاصر، وبين الأخلاقيات الواجب توافرها، وذلك بهدف ضبط وحصر حدود استخدام التكنولوجيا الدقيقة( ومنها علم النانو طبعاً) ضمن حدين اثنين:

1- استثمار ايجابياتها لتعزيز إنسانية الإنسان وتوفير سعادته.

2- الحد من سلبياتها المؤدية إلى تدمير الإنسان وزواله.

إن تكنولوجيا النانو لا تثير المخاوف على الإنسان وبقائه فحسب، بل تدفعنا إلى التأمل، والاستغراق في التأمل والتفكير، ونحن نرى الطاقات والأدمغة العربية والمسلمة يستفاد منها في مؤسسات البحث العلمي الأجنبية، والأموال العربية الطائلة، إما توظف لحفظ تماسك وتطوير اقتصادات أمريكية وأوروبية أو توظف في تغذية الإرهاب التكفيري، وهذا كله ينتج إسرائيل دولة قوية متفوقة.

لا زال هناك الكثير من تقنيات الانترنت وعلوم الفضاء والالكترونيات خافية على العديد من البلدان العربية والإسلامية، وهناك كثير من الناس بالكاد يتقنون استخدام الكومبيوتر. وفي وقت تشكل الحكومة الالكترونية، والمؤسسة الالكترونية أقصى طموحات كثير من الدول في المنطقة، تظهر تكنولوجيا النانو، لتجعل كل ما يشهده العالم من تقنيات الكترونية متطورة جزءاً من الماضي.

فهل سيكون كافياً توصيف علاقة بلاد المسلمين والعرب بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، بالارتهان أم التبعية؟.. هل سيكون زمن استعباد أشد لهذه البلاد؟.. أم أن هناك إمكانيات لكسر هذا الزمن؟.

في هذه النقطة بالذات تتقدم الجمهورية الإسلامية في إيران الدول الإسلامية فيما حققته في مجال تكنولوجيا النانو. فقد وفِّقت إيران في احتلال الموقع 15 عالمياً في مجال تقنية النانو، وذلك بعد مرور ست سنوات على تأسيس قسم تنمية تكنولوجيا النانو، وحسب سكرتير هذا القسم، الدكتور سعيد سركار فإن في إيران أكثر من خمسين شركة حديثة التأسيس في مجال النانو، يعمل فيها أساتذة وطلاب جامعيون تسوق منتجاتهم داخل إيران وخارجها، وقد جرى في طهران بتاريخ 3 تشرين الأول 2012 حفل تعريف وعرض لآخر منجزات الجمهورية الإسلامية في مجال تكنولوجيا النانو، وهي مصممة للاستعمال في صناعة الأدوية والكيمياء والتشخيص الطبي والقياس والتصوير، وهي أجهزة لا يملك تقنيتها إلا عدد من الدول المتطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وألمانيا والصين واليابان.

إذن الفجوة التقنية يمكن تضييقها بل وردمها والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية نموذج، والمسألة هي مرجعية القرار السياسي السيادي في البلد المسلم أين هو؟ فالعلاقة بين امتلاك التقنية والقرار السياسي، هي علاقة جدلية بامتياز، وطيدة وتبادلية لا يمكن فك تأثير أحدهما عن الآخر.

اعلى الصفحة