تطور قدرات ايران في حرب السايبر

السنة الثالثة عشر ـ العدد 150 ـ ( شعبان 1435 هـ)حزيران ـ 2014 م)

بقلم: ترجمة وإعداد: حسن سليمان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

ترجمات

بقلم: غابي سبوني – مركز أبحاث الأمن القومي

التطور السريع في قدرة إيران وتوابعها وحلفائها في مجال حرب السايبر، يفرض على إسرائيل، كما على دول غربية أخرى، العمل بشكل حثيث ومنهجي للحفاظ على تفوقها النوعي والتنفيذي في هذا المجال.

هذه الأهمية لمجال السايبر بالنسبة لمفهوم الأمن الإسرائيلي والإسراع في إنتاج "قبة حديدية" ديجيتالية، تم التشديد عليها بشكل جيد في كلام رئيس هيئة الأركان العامة بني غانتس، الذي قال: "يجب أن تكون إسرائيل بمستوى قوة عظمى في مجال السايبر... لا يمكن الانتظار في هذه المسألة".

في مطلع العام 2013 وصفت جهة رفيعة المستوى في شركة حماية السايبر Crowd Strike، إيران كدولة من المستوى الثالث (Third Tier) من حيث قدرتها على العمل في مجال السايبر مقدرةً أن قدراتها أقل بكثير من قدرات الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا والصين. وتُعتبر إيران كدولة يمكنها إزعاج أنظمة أمن المعلومات الغربية، لكنها تفتقر للمعرفة والوسائل الضرورية لتنفيذ هجمات سايبر إستراتيجية.

إلا أن العام 2013 كشف عن تصدع كبير لهذه الفرضيات إذ أنّ إيران تقدمت وثبتت نفسها كأحد اللاعبين الفعالين على ساحة السايبر الدولية. على أن سبب هذا التقدم قد يكون الدمج بين تخفيف معين للتشديد من جانب صنّاع القرارات الإيرانيين في كل ما يتعلق بنشاط هجومي في مجال السايبر، وبين تحقيق قفزة نوعية لدى تشكيل قتال السايبر الإيراني، الذي فاجأ خبراء غربيين كثر في مجالات عمله، إتقانه المهني واختياره الطَموح للأهداف. 

مفهوم الدفاع -منفصلون عن العالم

تجربة الماضي التي راكمتها إيران من خلال أحداث مثل هجوم ستاكسنت Stuxnet والضربات التي رافقت انتخابات العام 2009، نبّهتها إلى أهمية وجود تشكيل فعّال لحماية سايبر وإلى سيطرة فعالة في مجال الإنترنت. لذلك، تعمل إيران على ثلاثة محاور رئيسية، تشكل معاً تشكيل سايبر دفاعي متعدد الأبعاد.

1- إنتاج غلاف دفاعي ضد هجمات سايبر تستهدف بنى تحتية حيوية ومعلومات حساسة،

2- تعطيل نشاط السايبر لدى جهات معارضة ومعارضين للنظام،

3- إبعاد برامج وأفكار غربية عن مجال السايبر الداخلي-السياسي، أفكار قد تساهم في تطور "ثورة رخوة" تضر باستقرار النظام.

في هذه المحاور الثلاثة خضع تشكيل حماية السايبر الإيراني لتحسين مهم خلال العام 2013. تحسينٌ نتج بشكل أساسي عن نضوج تكنولوجيات وأنظمة تنظيمية.

أولاً، إيران أطلقت إلى الفضاء شبكة إينترا- نت داخلية - سياسية ومفصولة، تتيح لها سيطرة متينة على البرامج في مجال السايبر في الدولة.

ثانياً، إيران استثمرت في تطوير تكنولوجيات ووسائل دفاع سايبر من إنتاج محلي بهدف تقليص ارتباطها بمنتجات أجنبية قد تشكل "أحصنة طروادة". بالإضافة إلى ذلك، أسّست سلطات السايبر الإيرانية روتين تدريبات، مناورات وزيارات وسط المؤسسات الأمنية والمدنية في الدولة. وقد تجسد تأثير هذه الخطوات خلال الانتخابات في شهر حزيران 2013، عندما عمل تشكيل السايبر الإيراني بنجاعة ونجح إلى حد كبير بالسيطرة على الحديث في مجال الإنترنت الداخلي وإحباط نشاط تآمري.

حالياً يبدو أنه لا زال أمام تشكيل حماية السايبر الإيراني شوط طويل من أجل مواجهة فعالة ومتواصلة مع هجمات سايبر بمستوى إتقان عال من قبيل الـ ستاكسنت، لكن القفزة التكنولوجية والتنظيمية التي حققتها إيران خلال العام الأخير تشير إلى أن لدى الإيرانيين مخطط تعلُّمٍ حاد وأنهم قد يشكلون جهازاً دفاعياً ناجعاً وشاملاً في وقت أسرع من المتوقع.

البُعد الهجومي -بحث عن هجمات "نوعية"

الجمهورية الإسلامية ترى بساحة السايبر أيضاً منصة هجومية ناجعة تتيح لها ضرب خصوم ذوي تفوق عسكري واضح وفي الوقت ذاته الحفاظ على مجال نفي يحول دون تنديد دولي أو حتى عقوبات وهجمات مضادة. فخلال العام 2013 تحوّل قتال السايبر إلى وسيلة رئيسية بيد إيران من أجل مهاجمة أهداف غربية رداً على العقوبات وكوسيلة لردع أي تصعيد في نشاط الدول الغربية ضد إيران. حجم، أهداف والنجاح النسبي لهجمات السايبر، التي حصلت خلال السنة الأخيرة ونُسبت إلى جهات إيرانية، تشير جميعها إلى تعزيز القدرات الموجودة لدى إيران. وتُرجع جهات غربية هذا التقدم في برنامج قتال السايبر إلى نجاح إيران في الدمج بين القدرات، المعرفة والقوة البشرية التي تنمو جميعها في الكليات الإيرانية لعلوم الحاسوب وبين الخبرة والقدرات العالية لدى جماعة القرصنة [الهاكر] الإيرانية، التي معظم أعضائها ينسجمون مع النظام وأهدافه. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقات المتينة بين تشكيل السايبر الإيراني ومن يعمل في السايبر، الهاكريم وخبراء أمن المعلومات، لاسيما روسيين، المستعدين لـ "تأجير" قدراتهم مقابل المال، تساهم هي أيضاً في التقدم السريع في برنامج قتال السايبر الإيراني. وإلى جانب تعزيز تشكيل السايبر الإيراني، تعمل إيران أيضاً على توسيع وتعزيز قدرة قتال السايبر لدى حلفائها. ويبدو أن الإيرانيين يرغبون بإنتاج تشكيل ناجع لدى الجهات التابعة لهم والتي تعمل لصالحهم في مجال السايبر. على أن أحد مراكز الثقل لهذا النشاط الإيراني هو الساحة السورية حيث تدعم إيران منظمة الهاكريم هناك المسماة "الجيش السوري الإلكتروني" (Syrian Electronic Army - SEA)، الذي يتحول إلى جهة مهمة جدا في مجال السايبر.

إلى ذلك، فإن التقدم في قدرات قتال السايبر الإيرانية تعكسه سلسلة هجمات حصلت خلال النصف الثاني من العام 2012 وفي العام 2013 والتي نُسبت إلى إيران. هذه الهجمات استخدمت تقنيات متطورة، هاجمت أهدافاً نوعية ونُفذت بأحجام أكبر بكثير من هجمات إيرانية سابقة. ومن بين أبرز الهجمات التي نُسبت إلى إيران يمكن إيجاد هجوم واسع النطاق ضد مواقع الإنترنت الخاصة ببنوك ومؤسسات مالية رئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية، وصفه خبير أمن معلومات كهجوم "لا سابقة له من حيث الحجم ونسبة النجاعة". كذلك ثمة موجة هجمات إضافية، نُسبت لجهات إيرانية، ركزت على شركات بنية تحتية وطاقة أميركية وتميزت بهجمات ضد أجهزة مراقبة، هجمات قد تمس بالنشاط المادي أو بوسائل الحماية لدى بنى تحتية مصيرية مثل أنظمة نقل غاز ونفط وأنظمة كهرباء. وفي العام الأخير تبنّت جهات محسوبة على إيران المسؤولية أيضا عن هجمات سايبر ضد مؤسسات إسرائيلية وفي حزيران 2013 أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن بدء وجهة تصاعدية كبيرة في هجمات السايبر الإيرانية ضد بنى تحتية محوسبة مهمة في إسرائيل.

التطور السريع في قدرة إيران وتوابعها وحلفائها في مجال حرب السايبر، يفرض على إسرائيل، كما على دول غربية أخرى، العمل بشكل حثيث ومنهجي للحفاظ على تفوقها النوعي والتنفيذي في هذا المجال. وهذه الأهمية لمجال السايبر بالنسبة لمفهوم الأمن الإسرائيلي والإسراع في إنتاج "قبة حديدية" ديجيتالية، تم التشديد عليها بشكل جيد في كلام رئيس هيئة الأركان العامة بني غانتس، الذي قال: "يجب أن تكون إسرائيل بمستوى قوة عظمى في مجال السايبر... لا يمكن الانتظار في هذه المسألة".  

اعلى الصفحة